الإسلام

حكم صيام رمضان وعليه قضاء



شهر رمضان هو شهر الحمة، المغفرة، والعتق من النيران، يكون المسلم فيه أشد حرصًا على القيام بالعبادات على أكمل وجه، لأنه يعلم الثواب العظيم الذي يحصل عليه جراء ذلك، من أجل هذا، نجد أنه قد يتحير في أمر الصيام إن كان عليه قضاء أيام لم يصمها في شهر رمضان المنصرم، لذا دعونا نتعرف على حكم الدين في ذلك من خلال ما يلي من سطور قليلة.

حكم صيام رمضان وعليه قضاء

أحل الله عز وجل للمسلم أن يفطر في شهر رمضان المعظم، إن كان على سفر، أو مريض، أو إن كانت امرأة حائض أو في فترة النفاس، فقد قال عز وجل في محكم التنزيل بسورة البقرة:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” الآيات من 183 إلى 185

شاهد أيضا  استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه .. الرد والأدعية

فعندما يفطر المسلم لأي من تلك الأسباب، فإنه يلزمه القضاء، كي يكون قد أكمل عدة أيام الشهر المبارك، على أن يكون ذلك دون تأخير إلى أن يأتي شهر رمضان مرة أخرى، فإن حدث ذلك، وكان لدى المسلم عذر دفعه للقيام بهذا، فإنه يصوم شهر رمضان المعظم، وبعد انقضائه، يقضي ما كان عليه من شهر رمضان الماضي، ولا يكون في تلك الحالة عليه كفارة واجبة الإخراج.

أهم ما في الأمر أن يكون هناك عذر لما قام به، كمرض لم يشف منه طيلة تلك الفترة، أما إن كان تأخيره دون عذر، فقد اختلف العلماء في ذلك، حيث أشار بعض منهم إلى أن صيامه شهر رمضان الذي داهمه صحيح بأمر الله، ولكن يلزمه قضاء ما أفطر في رمضان المنصرم بصوم تلك الأيام، بالإضافة إلى إخراج الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم بالمد، وهو ما يعادل حوالي 750 جرام، وذلك لرواية أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“أنَّه قال في رجلٍ مَرِضَ في رمضانَ، ثم صَحَّ فلم يصُمْ، حتى أدركه رمضانُ آخَرُ، قال: يصومُ الذي أدركه ويُطعِمُ عن الأوَّلِ؛ لكُلِّ يَومٍ مُدًّا مِن حِنطةٍ، لكُلِّ مِسكينٍ، فإذا فَرَغَ من هذا صام الذي فَرَّط فيه” (صحيح)

شاهد أيضا  أهمية دعاء تحصين النفس وأهم أدعيه الوقاية من العين والحسد

أما ابن العثيمين، رحمه الله، فقد كان له رأي آخر، وهو أن الله عز وجل ذكر في كتابه أن القضاء يكون بصيام أيام أخر، ولم يذكر عز وجل أنه هناك كفارة أو أكثر من ذلك، وعليه، فإن المسلم يكون آثم بتأخيره القضاء تلك الفترة ما بين الرمضانين، ولكن يلزمه القضاء فقط، وهنا نجد أن بعض العلماء قد أشاروا إلى أنه الواجب في الأمر هو القضاء، ولكن لاحتياط المسلم، عليه أن يطعم مسكينًا عن كل يوم.

نستنبط من ذلك أنه على أية حال، لا يوجد ما يتسبب في عدم قبول صيام المسلم في شهر رمضان مالم يقضي ما أفطر من شهر رمضان المنقضي، ولكن لا يعني ذلك ألا يقوم بمتابعة الأمر والامتثال لأوامر الله عز وجل بعد الانتهاء من شهر رمضان الحالي، وأفضل له بعد ذلك ألا يؤخر القضاء مرة أخرى إلا لعذر، وذلك لقول الله تعالى:” ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” سورة الحج الآية رقم 32



كذلك حري بالمسلم ألا ينسى أن ذلك التأخير دون أن يكون هناك عذر، أمر منبوذ يستوجب الندم والتوبة والعزم على عدم تكراره.

شاهد أيضا  أدعية وقفة عرفات للفرج والرزق والمتوفى والصائم

هل يجب أن يكون قضاء أيام رمضان بشكل متصل؟

عندما ينوي المسلم أن يقضي ما أفطر في شهر رمضان المعظم، فهناك سؤال لابد وأن يواجهه، وهو هل يجب أن يكون قضاء تلك الأيام بشكل متصلًا أم متقطعًا؟ وهنا نجد أن ديننا الحنيف، قد أجاز للمسلم أن يصوم ما عليه من شهر رمضان المنصرم بشكل متقطع، ما لم يتداركه الوقت ويدخل عليه شهر رمضان التالي.

فإن كان لم يبق من أيام شهر شعبان سوى عدد الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان، فأولى به في تلك الحالة صيامها بشكل متواصل، حتى لا يقع في إثم تأخير القضاء دون عذر بحلول الشهر الكريم مرة أخرى.

لا بأس كذلك إن أخر القضاء إلى شهر شعبان، وذلك امتثالًا لقول السيدة عائشة رضي الله عنها:” ما كُنتُ أقضي ما يَكونُ عليَّ من رمَضانَ ، إلَّا في شعبَانَ ، حتَّى تُوفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ” (صحيح الترمذي)

ديننا دين السماحة واليسر، يحتوي على الأحكام الميسرة التي تشعر المؤمن بالارتياح وتجعله ساعيًا إلى القيام بما يحبه المولى ونرضاه، نسأله أن يتقبل صالح أعمالنا، وأن يهدينا دائمًا إلى طريق الحق والرشاد.

هل كان هذا المقال مفيد ؟
مفيدغير مفيد




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق