الإسلام

فضل صيام عشر ذي الحجة



فضل صيام عشر ذي الحجة عظيمًا، لو تمعن به المسلم لما فرط فيهم قط، فهم من فيض رحمة الله عز وجل بعبده المؤمن، إن اغتنمهم فقد فاز فوزًا عظيمًا، وإن تركهم فقد خاب وخسر فرصة لا يضمن إن كان سيعاصرها مر ة أخرى أم لا، لذا ومن خلال السطور القادمة سوف نتعرف على فضل تلك الأيام وأفضل الأعمال التي يتودد بها المسلم إلى ربه فيها.

فضل صيام عشر ذي الحجة

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:

أيَّامُ العَشرِ صيامُ كُلِّ يومٍ منها بسنةٍ، وقيامُ كُلِّ ليلةٍ بليلةِ القَدْرِ

ففي تلك الأيام المعدودات يضاعف الله عز وجل الأجر، حيث ينال المسلم عظيم الثواب على الأعمال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، وتتبدل سيئاته حسنات، فيحط الله عن خطاياه مهما بلغت، فقد تقرب إلى ربه بشيء لم يكن مفروضًا عليه.

حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما مِن عبدٍ يصومُ يومًا في سبيلِ اللَّهِ تعالى إلَّا باعدَ اللَّهُ بذلك اليومَ وجهَهُ عن النَّارِ سبعينَ خريفًا(صحيح)

فحين يصوم المسلم تلك الأيام، فإنه يجزى جزاء لا يعلمه سوى الله عز وجل من فرط عظمه، فالصيام هو العبادة الوحيدة التي لم يخبرنا الله عز وجل عن مقدار أجرها، فقد قال رسول الله صلوات الله عليه وتسليمه:



قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ(صحيح رواه أبو هريرة).

فعلي المسلم أن يغتنم تلك الأيام ويصومها تطوعًا لله، بهدف أن يمن الله عليه ويخرج منها مغفور الذنب، عسى الله أن ينظر إليه نظرة رحمة فيهن، ومن ينظر الله له بتلك النظرة لا يعذبه أبدًا.

الجدير بالذكر أن اليوم التاسع من العشر الأوائل من ذي الحجة هو يوم عرفة، ذلك اليوم له من الفضل ما لا يمكن للمسلم تصوره، ففيه يغفر الله الذنب، ما عظم منه وما صغر، ويقبل التوبة، ويكفر عام مضى وعام آت، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:

منَ صامَ أيَّامَ العشرِ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ يومٍ صومُ سنةٍ غيرَ عرفةَ فإنَّهُ من صامَ يومَ عرفةَ كُتِبَ لَهُ صومُ سنتين” (صحيح رواه جابر بن عبد الله، بعد أن رأينا سويًا فضل صيام عشر ذي الحجة، كيف للمسلم أن يضيع تلك الفرصة الذهبية من بين يديه!

فمن نعمة الله على عباده المؤمنين أنه قد منَ عليهم من نفحاته بين الحين والآخر، والتي تتشكل على الأيام المليئة بالخير والثواب، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:

اطلُبوا الخَيرَ دهْرَكم، وتعرَّضوا نَفَحاتِ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ مِن رحمتِهِ يُصِيبُ بِها مَن يشاءُ مِن عبادِهِ، وسَلُوا اللهَ أنْ يستُرَ عَوْراتِكم، وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعاتِكم” رواه أنس بن مالك.

الأعمال المستحب القيام بها في العشر الأوائل من ذي الحجة

هناك الكثير من الأعمال التي يجب على المسلم أن يقوم بها ويهيئ قلبه على أدائها، خاصة بعدما عرف فضل صيام عشر ذي الحجة، فحتمًا قد انشرح صدره وأصبحت لديه العزيمة لمجاهدة نفسه من أجل نيل عظيم الثواب في هذه الأيام، ولا ننسى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:



ما العملُ في أيَّامٍ أفضلُ منه في عشْرِ ذي الحجَّةِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ! ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلَّا رجلٌ خرج بنفسِه ومالِه في سبيلِ اللهِ ، ثمَّ لم يرجِعْ من ذلك بشيءٍصحيح رواه عبد الله بن عباس.

لذا ومن خلال السطور القادمة، سوف نتناول أفضل الأعمال التي تعظم أجرنا للقيام بها في الثلث الأول من شهر ذي الحجة، حيث جاءت على النحو التالي:

1- التقرب إلى الله

توددنا إلى الله وتقربنا إليه بصالح الأعمال من الأمور التي يجب أن نقوم بها في سائر أوقات العام، إلا أن الأجر المضاعف في أوائل شهر ذي الحجة، قد يدفعنا إلى مجاهدة النفس والقيام بما قد يشق عليها دون كلل، حتى يمن الله علينا من فضله.

فيقوم المسلم بذكر الله في قيامه وقعوده، ولا ننسى الاستغفار والتهليل، والتكبير كما يفعل الحجاج، لعل الله يرزقنا زيارة بيته في العام التالي، كذلك صلاة النوافل، والتي تعد من أقرب الأعمال إلى الله عز وجل، فقد قال على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُصحيح رواه أبو هريرة.

2- إخراج الصدقات

ينبغي على المسلم ألا يتوقف عن إخراج الصدقات، فهي التي تطفئ غضب الرحمن، وتنقي القلب من الضغائن، حينها سيجد أن ما أنفقته يمينه، قد عاد أضعافًا مضاعفة فضلَا من الله فهو الجود كله.



3- صلة الرحم

الرحم من الرحمن، ولعل تلك الأيام هي الأفضل كي ينال المسلم ثواب وصل الرحم، فتنتهي المشاحنات وتقل الخلافات العائلية، وتكون بيوت المسلمين منعمة بفرحة وراحة بال، مستقبلين عيد الأضحى بقلب نقي لا يحمل الضغينة لأحد.

4- الإقلاع عن المعاصي

تعد أوائل شهر ذي الحجة فرصة ذهبية للتوبة والإقلاع عن المعاصي، حيث تلمس الروحانيات القلب، وتهيئه لضبط النفس، فتكون المجاهدة بقوة وعزم، فيمن الله عز وجل ليخرج من تلك الأيام كما ولدته أمه.

5- تأدية صلاة العيد

سنة مؤكدة عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، هي صلاة العيد، حيث السعادة الغامرة، والفرحة التي نجدها في عيون كل من نقابله في ذلك اليوم، صغيرًا أم كبيرًا، فيجب على المسلم أن يكون حريصًا على ختم العشر الأوائل من شهر ذي الحجة بأداء تلك السنة النبوية المطهرة.

6- ذبح الأضحية إن كان هناك مقدرة لذلك

روى الصحابي الجليل أنس بن مالك في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا:



ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا

فإن كان للمسلم المقدرة المالية، ويود أن ينال فضل صيام عشر ذي الحجة كاملًا، فحري به أن يقوم بذبح أضحية تبعًا لما تيسر له، نسأل الله عز وجل أن يتقبل صالح أعمالكم.

ينبغي على المسلم ألا يترك رحمات الله المتجسدة في أيام لها عظيم الفضل مثل الأوائل من شهر ذي الحجة، فحينها يسعد قلبه ويهنأ في عيشته، ويكون من الفائزين في الدنيا والآخرة.

هل كان هذا المقال مفيد ؟
مفيدغير مفيد


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق