مناسك العمرة
العمرة هي أحد العبادات التي أمر الله بها عبده المسلم أن يتقرب له بها، لما لها من فضل عظيم وثواب كبير عند الله سبحانه وتعالى، وللعمرة أركان ومناسك لا تصح إلى بها، ويجب على المسلم أن يتعرف عليها بالتفصيل، لينال ثوابها كاملًا، وفي السطور التالي سنتعرف بالتفصيل على مناسك العمرة وأركانها وفضائلها وصفتها، فتابعوا القراءة.
العمرة وفضائلها في الإسلام
تعني العمرة في اللغة العربية “الزيارة” وهي مشتقة من كلمة الإعمار أي الزيارة، أما في الإسلام فتعني كلمة العمرة زيارة البيت الحرام للطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وتعتبر العمرة هي الحج الأصغر، ويجوز تأديتها في أي وقت من العام، ما عدا أيام التشريق لمن نوى الحج، وتختلف العمرة عن الحج في عدة أمور، حيث يعتبر الحج فريضة على كل مسلم قادر، وهو ركن من أركان الإسلام.
ومن فضائل العمرة أنها تمحو الذنوب وتذهب الفقر، وهناك الكثير من الأحاديث الواردة في ذلك، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة)، وورد أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة)، وورد أيضًا في حديث آخر: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه).
ومن فضائل العمرة أيضا أنها تتساوى في المنزلة مع الجهاد في سبيل الله، حيث سألت السيدة عائشة النبي عليه الصلاة والسلام هل للنساء جهاد؟ فأجابها النبي: (نعم عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة)، ويعتبر المعتمر من زوار الله تعالى، إذ ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (وفد الله ثلاثة: الحاج والمعتمر والغازي).
ويستحب للمعتمر حتى تقبل عمرته أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى، وأن يبتغي بعبادته وجه الله والتقرب إليه، وكذلك أن يؤدي مناسك العمرة بالصفة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، دون زيادة أو نقصان.
شروط أداء العمرة
ويشترط لأداء العمرة توافر بعض الشروط المهمة وهي:
- الإسلام: فلا يجوز دخول المسجد الحرام لغير المسلمين، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا).
- العقل: حيث لا يجب على المجنون أي نوع من العبادات.
- الحرية: فلا تجب العمرة على العبد أو الأمة المملوكة.
- البلوغ: فلا تجب العمرة على الصبي أو الطفل.
- الاستطاعة:وتكون بتوافر ما يتزود به المعتمر من طعام وماء وراحلة.
- وجود المحرم: بالنسبة للمرأة فأنه يزداد شرطا آخر وهو وجود المحرم معها أثناء أداء العمرة.
أركان العمرة
إتفق الفقهاء على أن للعمرة أركان أربعة، تبطل العمرة بسقوط أحدها، وهذه الأركان هي:
- الإحرام وهو ارتداء ملابس الإحرام، وعقد نية العمرة في الميقات
- الطواف بالكعبة المشرفة سبعة أشواط
- السعي بين الصفي والمرة سبعة أشواط
- الحلق أو التقصير للتحلل من الإحرام.
صفة العمرة
يجب على المعتمر أن يؤدي عمرته كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإقتفاء أثره في تأدية العبادة، وقد اعتمر النبي عليه الصلاة والسلام على هذه الصفة:
- عند الوصول إلى الميقات يستحب للمعتمر أن يغتسل ويتنظف، ثم يلبس ملابس الإحرام، وهي الإزار والرداء، وعليه أن يتجرد من كل ما هو مخيط مثل السراويل والقميص وغيرها، أما بالنسبة للنساء فإنها تحرم في أي ثياب ساترة، وتبتعد عن الزينة والتبرج، كما يجب عليها تجنب لبس النقاب أو القفازين.
- يستحب للمعتمر أن يصلي ركعتي نافلة، إذا كان في غير وقت صلاة الفريضة، ثم ينوي الإحرام للعمرة قائلًا: “لبيك اللهم عمرة”.
- يبدأ المعتمر بعدها بالتلبية، ويستحب الإكثار منها، ويرفع الرجل صوته بها، أما المرأة فتخفض صوتها، فلا يسمعها سوى من حولها من النساء، وصيغة التلبية هي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، ويعتبر المعتمر بذلك قد دخل في مناسك العمرة، فلا يجوز له إتيان شيء من المحظورات.
- عند الوصول إلى مكة، يدخل المعتمر إلى المسجد الحرام بقدمه اليمنى، ثم يقول دعاء دخول المسجد وهو: (بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم أغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك).
- يشرع المعتمر بعد ذلك بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط، مبتدأ من الحجر الأسود، وكلما بلغ الحجر الأسود أثناء طوافه يشير بيده ويقول: “بسم الله، الله أكبر” وإذا استطاع تقبيل الحجر الأسود فعليه أن يفعل ذلك، وإلا فلا يستحب له التزاحم لأجل ذلك، كما يستحب للمعتمر عند بداية الطواف الإضطباع، وهو إظهار الكتف الأيمن اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن سنن الطواف حول الكعبة الخاصة بالرجال فقط دون النساء، هي أن يسرع المعتمر في المشي في الأشواط الثلاثة الأولى، مع مقاربة خطواته، وأما في باقي الأشواط فيمشي مشيًا عاديًا. - بعد إنهاء الطواف بالكعبة، يستحب للمعتمر أن يستر كتفيه بردائه، ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، لقول الله تعالي: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، فإن تعسر ذلك فيصلي في أي ركن بالمسجد الحرام، ويقرأ في الركعة الأولى بعد قراءة الفاتحة سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص.
- ينتقل المعتمر بعد ذلك للسعي بين الصفا والمروة، ويبدأ سعيه من الصفا، فإذا صعد عليها استقبل الكعبة وقرأ آية: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ). ثم يرفع يديه قائلاً: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده” يكررها ثلاث مرات، ويدعو الله بما شاء.
- يتجه نحو المروة، ويستحب للمعتمرين من الرجال دون النساء الهرولة بين العلمين الأخضرين، والهرولة تعني الركض بينها دون إيذاء لأحد، ويشغل نفسه أثناء السعي بين الصفا والمروة بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، فإذا وصل إلى الصفا من جديد فإنه يكون قد أنهى شوطًا من الأشواط السبعة، ويفعل كما فعل أول مرة عند بداية السعي.
- بعد إنهاء السبعة أشواط يتحلل المعتمر من إحرامه، فالرجل يحلق شعره أو يقصره والحلق أفضل، أما المرأة فتقصر شعرها بقدر أنملة، أي عقلة من الأصبع، من جميع أطراف شعرها، ولا يجوز لها الحلق.
وبذلك يكون المعتمر قد تحلل من إحرامه، وسقطت عنه المحظورات التي حرمت عليه أثناء تأدية العمرة.
محظورات العمرة
هناك العديد من المحظورات التي يجب الابتعاد عنها أثناء تأدية العمرة، وتنقسم إلى محظورات خاصة بالرجال، ومحظورات خاصة بالنساء، ومحظورات مشتركة بين الرجال والنساء، وتفصيل هذه المحظورات كالآتي:
- محظورات خاصة بالنساء:
يحرم على المرأة في حال إحرامها لأداء العمرة لبس النقاب أو البرقع أو لبس القفازين، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين). - محظورات خاصة بالرجال:
- تغطية الرأس أثناء الإحرام، فلا يجوز تغطية الرأس أو بضع منه أثناء أداء العمرة، وبالنسبة للاستظلال بالشجر أو المظلة فلا يعتبر من المحظورات.
- لبس المخيط والمحيط: وهي الملابس العادية مثل القميص، والسروال والجبة وغيرها من الملابس، وكذلك لا يجوز لبس الخف الذي يغطي أصابع القدمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل، ولا البرنس ولا ثوبًا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين).
- محظورات مشتركة بين الرجال والنساء:
- حلق الشعر أو نتفه أو إزالته بأي طريقة.
- قص الأظافر.
- استخدام الطيب في البدن أو ملابس الإحرام.
- عقد النكاح.
- المباشرة والجماع.
- قتل صيد البر، لقول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا).
مواقيت الإحرام
المواقيت هي أماكن حددها النبي صلى الله عليه وسلم، يحرم منها كل من أراد الحج أو العمرة، وهي خمس مواقيت:
- ميقات قرن المنازل: أو “السيل الكبير”، وهو ميقات أهل نجد ودول الخليج العربي وما ورائها.
- ميقات ذا الحليفة: أو “آبار على”، وهو ميقات أهل المدينة المنورة، وكل من سكن بها من غير أهلها.
- ميقات ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق وما ورائها.
- ميقات الجحفة: وهو ميقات أهل مصر والشام والسودان ودول المغرب العربي وكل من أتى ورائها.
- ميقات يلملم: وهو ميقات أهل اليمن وكل من أتى ورائها.
هنا نكون قد شرحنا كافة مناسك العمرة بالتفصيل، والتي ينبغي على كل مسلم ومسلمة، تطبيقها كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لينال الثواب والقبول من الله سبحانه وتعالى.