الإسلام

تفسير “وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم”



يمر الإنسان بالعديد من المواقف في حياته التي يشعر فيها أنه دائمًا يصيبهُ الشر، ويكون قانطًا على هذه الأيام يشعر فيها بالفتور وعدم الراحة، ولكن هل بالفعل تكون هذه المواقف والأيام شرًا لنا، ‏أم أنه خير لكن لا تراه نفوسنا الضعيفة، لو نظرنا إلى تفسير : وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ‏سنجد أن هناك الكثير من الاقدار التي تقدر لنا ولا نسعد بها ‏ولكنها تكون خيرًا كتبه الله لنا ونحنُ لا ندرك.

تفسير “وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم”

‏جاءت هذه الآية في سياق الآيات القرآنية التي تتحدث عن الحج وذُكرت إحدى الآيات أيضًا بنفس المعنى في سورة النساء وهي آية: بسم الله الرحمن الرحيم”فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل اللهُ فيه خيرًا كثيرًا” ‏ومعنى هذه الآية أن الإنسان أحيانًا تمر به بعض ‏الأحداث المؤلمة والموجعة التي لا يستطيع تحملها وربما يصيبه الحزن والجزع منها ويظن أن هذه الأحداث ستنهي حياته وستكون مهلكة له ويفقد كل أمله، بعد ذلك يرى أن هذا الحدث كان خيرًا له وكان سببًا في  تحصيلهُ الأجر أولًا والأقدار الجميلة ثانيًا.

كيف يكون الشر خيرًا للإنسان

‏ الإنسان يطلق على أي شيء لا يعجبهُ شرًا وربما يسعى لتحصيل بعض الأشياء في حياته وهو يظن أن فيها السعادة والخير وتكون هذه الأشياء شرًا لهُ رغم أنهُ بذل فيها أقصى جهده وتَتَّوق للحصول عليها وبعد أن يصل إليها، يرى أنها شرًا له ولم تكن تستحق كُل هذا العناء لكنها كانت جميلة في عينيه وكان يرى فيها كُل الخير عندما لم تكن بين يديه.

شاهد أيضا  أسعار الأضاحي في السعودية ونصائح عند شرائها

ما الذي تدل عليه آية وعسى أن تكرهوا شيئًا

‏الآيةُ الأولى وردت في سياق الحديث عن الحج وكانت تتحدث بالتحديد عن الجهاد ‏وهذه العبادة يبذل الإنسان بدنهُ في سبيل الله، وربما يظن أن هذا الأمر شرًا له، ولكن هي عبادة من العبادات ‏التي تكون سببًا في دخول العبد إلى الجنة،  ‏أما في الآية الثانية التي وردت في سورة النساء كان تتحدث عن العلاقة الزوجية والألم النفسي الذي يحدث لأحد الزوجين عندما يفارق زوجه، وبالتالي تكون الآيتين تحدثت عن أمرٍ في الدنيا وأمرٍ في الآخرة ألم نفسي وألم جسدي ‏والإنسان في هذه الحالة من الألم يحتاج إلى طمأنينة القلب والراحة، ‏أكثر الأشياء التي تمد الإنسان بالطمأنينة والراحة هي أن يتذكر أن أقدار الله سبحانه وتعالى جميعها خيرًا له، واللهُ سبحانه لا يقدر على الإنسان الشر.

أمثلة من القرآن على آية وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم

‏وردت في القرآن الكريم العديد من القصص التي تعدُ من الشواهد على تفسير هذه الآية وهذه القصص فيها سلوى للمحزونين حتى لا يقنطوا من رحمة الله ويعلموا أن كُل ما كتبهُ الله هو خيرٌ لهم وفيما يلي بعض هذه القصص:

شاهد أيضا  دعاء العشر الأواخر من رمضان

قصة الخضر عليه السلام مع موسى

‏عندما صاحب موسى عليه السلام الخضر في ‏القصة التي وردت في سورة الكهف كان الخضر عليه السلام يفعل بعض الأشياء مثل خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار ‏وكان موسى لا يرى في ما يفعله الخضر أي خير، ‏بل كان يعترض على كل عمل يقوم به ‏وعندما وضح لهُ الخضر عليه السلام الحكمة من كل فعل تعجب موسى وعلم أن نظرتهُ للأمور حتى كانت قاصرة، ولله المثل الأعلى ‏الله سبحانه وتعالى يقدر لنا الكثير من الأقدار التي لا نرى فيها أي خير ومع الأيام تتضح لنا الحكمة في ذلك والخير الذي كتبه الله علينا.



قصة يوسف عليه السلام

‏يوسف عليه السلام عندما ألقاهُ إخوته في البئر ‏كان في ظاهر الأمر ‏أن هذا شرًا له، ‏ولكن عندما ذهب يوسف عليه السلام بعيدًا عن إخوته كان هذا سببًا في أن يكون ‏عزيزًا مصر وأن يمكن الله سبحانه له في الأرض.

‏قصة أم موسى عليه السلام

‏عندما كان فرعون يقتل ‏أبناء بني إسرائيل أوحى الله سبحانه وتعالى إلى أم موسى أن ترميه في اليم، وكانت هذه لحظة عصيبة عليها وهي تضع فلذة كبدها في اليم ‏إلى مصير مجهول ولكن كان في هذا خيرٌ لموسى عليه السلام، ‏وظهرت بعد ذلك الكثير من العواقب الحميدة لهذا الأمر والله سبحانه وتعالى يقول: “والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.

شاهد أيضا  دعاء دخول السوق

قصة أم سلمة رضي الله عنها

‏وردت في السنة النبوية قصة أم سلمة رضي الله عنها ‏التي فقدت زوجها الذي تحبهُ كثيرًا ‏وكان دائمًا تقول ومن أفضل من أبي سلمة وتظن أن حياتها قد انتهت بعد وفاته ‏وبعد ذلك تزوجت من النبي صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ‏والله سبحانه وتعالى قدر لها أفضل مما فقدت، ‏لذلك يجب على المسلم أن لا يجعل حياته معلقة على أمرٍ واحد، دائمًا هناك خير في كُل شيء يحدث لنا حتى وإن لم نرى نحنُ هذا الخير.

التوكل على الله وبذل الأسباب

‏الله سبحانه وتعالى يقدر المصائب على عباده حتى يتوكلوا عليه سبحانه ويقتربوا منه، ‏فإذا أصاب الإنسان شيء لا يحبه عليه أن يتذكر دائمًا قول الله تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.



هل كان هذا المقال مفيد ؟
مفيدغير مفيد




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق